س: ما هي حمى الضنك وكيف يتم علاجها؟
ج: تنتقل حمى الضنك إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة من جنس الزاعجة تحمل أيّاً من الفيروسات الأربعة المسبّبة للمرض. وتظهر الأعراض خلال فترة تتراوح بين 3 و14 يوماً (من 4 إلى 7 أيام في المتوسط) عقب اللدغة المعدية. والجدير بالذكر أنّ حمى الضنك مرض وخيم يشبه الإنفلونزا ويصيب الرضّع وصغار الأطفال والبالغين على حد سواء، علماً بأنّه لا يوجد علاج محدّد ضده. أمّا حمى الضنك النزفية فهي من مضاعفات المرض الفتاكة، غير أنّ من الممكن، في كثير من الأحيان، إنقاذ أرواح المصابين بها بتشخيص المرض لديهم في مراحل مبكّرة وتدبير العلاج المناسب لهم من قبل أطباء وممرضين متمرّسين.
وينوء إقليما جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ بأكثر من 70% من عبء حمى الضنك. أمّا أفريقيا وشرق المتوسط فهما أقلّ تضرّراّ بكثير من المرض. والجدير بالملاحظة أنّ ثمة زيادة سريعة في نسبة وقوع المرض ووخامته في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. كما تسهم زيادة الرحلات الجوية في تيسير انتقال فيروسات حمى الضنك بسرعة في جميع أرجاء العالم ممّا يزيد من مخاطر حدوث فاشيات من حمى الضنك النزفية جرّاء جلب فيروسات جديدة إلى فئات سكانية حسّاسة.
•حمى الضنك من أنواع العدوى المنقولة بالبعوض وهي تتسبّب في مرض وخيم يشبه الإنفلونزا وتتسبّب، أحياناً، في حدوث مضاعفة قد تؤدي إلى الوفاة تُدعى حمى الضنك النزفية.
•لقد شهدت معدلات وقوع حمى الضنك زيادة هائلة في العقود الأخيرة.
•لقد أصبح خُمسا سكان العالم معرّضين لمخاطر الإصابة بهذا المرض.
•تنتشر حمى الضنك في المناخات المدارية وشبه المدارية في شتى أنحاء العالم، وفي المناطق الحضرية وشبه الحضرية بالدرجة الأولى.
•حمى الضنك النزفية من أهمّ الأسباب الكامنة وراء إصابة الأطفال بحالات مرضية وخيمة ووفاتهم في بعض البلدان الآسيوية.
•لا يوجد علاج محدّد ضدّ حمى الضنك، غير أنّ خدمات الرعاية الطبية المناسبة كفيلة، في غالب الأحيان، بإنقاذ أرواح المصابين بالنوع النزفي الوخيم.
•السبيل الوحيد إلى توقي سراية فيروس حمى الضنك هو مكافحة البعوض الحامل للمرض.
حمى الضنك من أنواع العدوى المنقولة بالبعوض والتي أصبحت تشكّل، في العقود الأخيرة، قلقاً كبيراً من زاوية الصحة العمومية على الصعيد الدولي. وتنتشر حمى الضنك في المناخات المدارية وشبه المدارية في شتى أنحاء العالم، وفي المناطق الحضرية وشبه الحضرية بالدرجة الأولى.
وتم الكشف، لأوّل مرّة، عن حمى الضنك النزفية، وهي مضاعفة قد تؤدي إلى وفاة من يتعرّض لها، في الخمسينات خلال أوبئة هذا المرض التي ألمّت بالفلبين وتايلند. أمّا اليوم فقد بات المرض منتشراً في معظم البلدان الآسيوية وأصبح من أهمّ أسباب دخول أطفال تلك البلدان إلى المستشفى ووفاتهم.
تنجم حمى الضنك عن أربعة فيروسات منفصلة يوجد بينها ترابط وثيق. والشفاء من العدوى التي يسبّبها أحد تلك الفيروسات يوفّر مناعة ضدّ ذلك الفيروس تدوم مدى الحياة، غير أنّه لا يوفّر إلاّ حماية جزئية وعابرة ضدّ العدوى التي قد تظهر لاحقاً بسبب الفيروسات الثلاثة الأخرى. وهناك بيّنات دامغة على أنّ التعرّض لعدوى حمى الضنك بشكل متكرّر يزيد من خطر الإصابة بحمى الضنك النزفية.
عبء حمى الضنك العالمي
لقد شهدت معدلات وقوع حمى الضنك زيادة هائلة في شتى ربوع العالم في العقود الأخيرة. فقد أصبح 5ر2 مليار نسمة- خمسا سكان العالم تقريباً- معرّضين لمخاطر الإصابة بهذا المرض. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، حالياً، إلى احتمال وقوع 50 مليون من إصابات حمى الضنك كل عام في جميع أنحاء العالم.
وقد شهد عام 2007 وحده وقوع 890000 حالة أُبلغ عنها في إقليم الأمريكتين، علماً بأنّ 26000 حالة منها كانت من حالات حمى الضنك النزفية.
والجدير بالذكر أنّ المرض أصبح متوطناً في أكثر من 100 بلد في أفريقيا والأمريكتين وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ، علماً بأنّ إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ هما أشدّ الأقاليم تضرّراً من المرض. ولم تشهد إلاّ تسعة بلدان، قبل عام 1970، وقوع أوبئة حمى الضنك النزفية، وقد ارتفع ذلك العدد بأكثر من أربعة أضعاف بحلول عام 1995.
وانتشار المرض في مناطق جديدة لا يرافقه ارتفاع في عدد الحالات فحسب، بل كذلك حدوث فاشيات مدمّرة. فقد أبلغت فنزويلا، في عام 2007، عن وقوع أكثر من 80000 حالة منها ما يزيد على 6000 حالة من حمى الضنك النزفية.
وفيما يلي بعض الإحصاءات الأخرى:
•خلال وقوع أوبئة حمى الضنك كثيراً ما تبلغ معدلات الإصابة بعدوى حمى الضنك بين أولئك الذين لم يتعرّضوا للفيروس من قبل 40% إلى 50%، ولكنّها قد تبلغ 80% إلى 90% في بعض الأحيان.
•ينبغي إحالة نحو 500000 من المصابين بحمى الضنك النزفية إلى المستشفيات كل عام، علماً بأنّ عدداً كبيراً من أولئك المرضى هم من الأطفال. والجدير بالملاحظة أنّ 5ر2% من المصابين يقضون نحبهم في آخر المطاف.
•يمكن أن تتجاوز معدلات إماتة حالات حمى الضنك النزفية 20% إذا لم يتلق المصابون العلاج المناسب. وتوسيع فرص الحصول على خدمات الرعاية الطبية من قبل العاملين الصحيين ممّن لهم دراية بذلك المرض- الأطباء والممرضون القادرون على التفطّن لأعراضه وعلاج آثاره- من الأمور التي تسهم في تخفيض معدلات الوفيات إلى أقلّ من 1%.
يُعزى انتشار حمى الضنك إلى اتسّاع النطاق الجغرافي للفيروسات الأربعة المسبّبة للمرض ونواقلها من البعوض، علماً بأنّ الزاعجة المصرية التي تنتشر في المناطق الحضرية تمثّل أهمّ أنواع تلك النواقل. ويؤدي ارتفاع عدد أسراب البعوض في المناطق الحضرية إلى زيادة أعداد الناس الذين يتعرّضون لتلك النواقل، لا سيما في الأماكن الملائمة لتكاثرها، مثل الأماكن التي يكثر فيها تخزين المياه وتنقصها خدمات التخلّص من النفايات الصلبة.
شبكة الحماية من حمى الضنك: أنشطة الترصد التي تضطلع بها المنظمة - بالإنكليزية
سراية المرض
تنتقل فيروسات حمى الضنك إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة من جنس الزاعجة تحمل تلك الفيروسات. ويكتسب البعوض الفيروس، عادة، عندما يمتصّ دم أحد المصابين بالعدوى. وبعد مرور فترة الحضانة التي تدوم 8 إلى 10 أيام يصبح الفيروس قادراً، أثناء لدغ الناس وامتصاص دمائهم، على نقل الفيروس طيلة حياته. وقد تنقل البعوضة الفيروس أيضاً إلى نسلها عن طريق المبيض (البيض)، غير أنّ الدور الذي يؤديه هذا النمط من أنماط سراية الفيروس في استمرار سراية العدوى من البعوض إلى البشر ما زال من الأمور التي لم تُحدّد بعد.
ويمثّل البشر الفئة الرئيسية التي تحمل الفيروس وتسهم في تكاثره، إذ تؤدي دور مصدر الفيروس بالنسبة للبعوض غير الحامل له. ويدور الفيروس في دم المصابين به طيلة يومين إلى سبعة أيام، وذلك يوافق، تقريباً، ظهور أعراض الحمى عليهم؛ وقد يكتسب البعوض من جنس الزاعجة الفيروس عندما يمتصّ دم أحد المصابين به خلال تلك الفترة. وقد بيّنت بعض الدراسات أنّ النسانيس تؤدي، في بعض المناطق من العالم، دوراً مماثلاً في سراية الفيروس.
خصائص المرض
حمى الضنك مرض وخيم يشبه الإنفلونزا ويصيب الرضّع وصغار الأطفال والبالغين، ولكنّه قلّما يؤدي إلى الوفاة.
وتختلف السمات السريرية لحمى الضنك وفق عمر المريض. فقد يُصاب الرضّع وصغار الأطفال بالحمى والطفح. أمّا الأطفال الأكبر سنّاً والبالغين فقد يُصابون بحمى خفيفة أو بالمرض الموهن المألوف الذي يظهر بشكل مفاجئ ويتسبّب في حمى شديدة وصداع حاد وألم وراء العينين وألم في العضل والمفاصل وطفح.
أمّا حمى الضنك النزفية فهي مضاعفة قد تؤدي إلى الوفاة ومن خصائصها الحمى الشديدة، مع تضخّم الكبد في كثير من الأحيان، وقصور دوراني في الحالات الوخيمة. ويبدأ المرض، في غالب الأحيان، بارتفاع مفاجئ في حرارة الجسم مصحوب ببيغ وجهي وغير ذلك من الأعراض المشابهة لأعراض الإنفلونزا. وتستمر الحمى، عادة، يومين إلى سبعة أيام ويمكنها بلوغ 41 درجة سلسيوز، مع احتمال ظهور حالات اختلاج ومضاعفات أخرى.
وفي الحالات المعتدلة تخفّ جميع العلامات والأعراض بعد اختفاء الحمى. أمّا في الحالات الوخيمة فإنّ حالة المريض قد تتدهور فجأة بعد تعرّضه للحمى طيلة بضعة أيام؛ ويُلاحظ هبوط في درجة حرارة الجسم تتبعه علامات القصور الدوراني ممّا قد يؤدي، بسرعة، إلى إصابة المريض بصدمة حرجة ووفاته في غضون 12 إلى 24 ساعة، أو إلى شفائه بسرعة بعد إعطائه العلاج الطبي الملائم (انظر أسفله).
العلاج
لا يوجد علاج محدّد ضدّ حمى الضنك.
تمكّن خدمات الرعاية الطبية التي يقدمها الأطباء والممرضون من ذوي الخبرة في التفطّن لآثار مضاعفات حمى الضنك النزفية وتطوّرها من إنقاذ الأرواح في غالب الأحيان- فهي تمكّن من خفض معدلات الوفيات من نسبة تزيد على 20% إلى أقلّ من 1%. ومن الأمور الأساسية لعلاج المصابين بحمى الضنك النزفية الحفاظ على حجم الدم الذي يدور في أجسامهم.
التمنيع
لا يوجد بعد أيّ لقاح مرخّص لمكافحة حمى الضنك. واستحداث لقاحات ضدّ حمى الضنك (الأشكال الخفيفة والوخيمة من المرض على حد سواء) من الأمور الصعبة، ذلك أنّ أيّا من فيروسات حمى الضنك الأربعة قادر على إحداث المرض، وبالتالي يجب على اللقاح ضمان الحماية من كل الفيروسات الأربعة، وذلك يعني أنّه لا بد أن يكون رباعي التكافؤ. كما أنّ انعدام النماذج الحيوانية المناسبة ونقص المعلومات عن باثولوجيا المرض وأنواع الاستجابة المناعية المسؤولة عن الحماية من الأمور التي تزيد من صعوبة استحداث لقاح ضد هذا المرض وتقييم لقاحاته المرشّحة سريرياً. غير أنّ هناك تقدماً يُحرز في استحداث لقاحات قد تضمن الحماية ضد جميع الفيروسات الأربعة المسبّبة للمرض. فقد تم المضي قدماً بلقاحين مرشّحين والوصول بهما إلى مرحلة التقييم في البلدان التي يتوطنها المرض، وهناك عدة لقاحات مرشّحة أخرى هي الآن في مراحل الاستحداث الأولى. وتسهم مبادرة منظمة الصحة العالمية لبحوث اللقاحات في دعم استحداث لقاحات حمى الضنك وتقييمها من خلال توفير ما يلزم من مشورة تقنية وتوجيهات، مثل قياس المناعة التي تتيحها اللقاحات واختبار اللقاحات في الأماكن التي يتوطنها المرض.
المزيد عن بحوث اللقاحات - بالإنكليزية
توقي المرض ومكافحته
تتمثّل الوسيلة الوحيدة لمكافحة أو توقي سراية فيروس حمى الضنك، حالياً، في مكافحة البعوض الحامل للمرض.
وفي آسيا والأمريكتين تتكاثر الزاعجة المصرية، أساساً، في الحاويات الاصطناعية، مثل الأوعية الفخارية والبراميل المعدنية والصهاريج الإسمنتية التي تُستخدم لتخزين المياه في البيوت، فضلاً عن الأكياس البلاستيكية التي تحتوي على الفضلات الغذائية وأُطر العجلات المُستعملة وغيرها من المواد التي تحتفظ بمياه الأمطار. كما يتكاثر البعوض، على نطاق واسع في أفريقيا، في الموائل الطبيعية مثل ثقوب الأشجار والأوراق المتداخلة على شكل "أكواب" تتراكم فيها المياه.
وقد شهدت لأعوام الأخيرة استقرار الزاعجة المنقّطة بالأبيض، وهي نوع آخر من أنواع البعوض الحامل لحمى الضنك في آسيا، في الولايات المتحدة الأمريكية وعدة بلدان من بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وبعض المناطق من أفريقيا وأوروبا. ويُعزى انتشار هذا النوع بسرعة، إلى حد كبير، إلى المتاجرة بأُطر العجلات المُستعملة على الصعيد الدولي، علماً بأنّ تلك الأُطر تمثّل أحد موائل تكاثر البعوض.
وتجري مكافحة النواقل باستخدام أساليب الإدارة البيئية وأساليب كيميائية. ومن الأساليب التي تشجّع البرامج المجتمعية على اتّباعها التخلّص من النفايات الصلبة بطرق مناسبة وتحسين ممارسات تخزين المياه، بما في ذلك تغطية الحاويات للحيلولة دون إلقاء البعوض ببيضه فيها.
وتسهم عملية رشّ مبيدات الحشرات المناسبة في موائل اليرقات، لا سيما الموائل المفيدة بالنسبة لسكان البيت، مثل أواني تخزين المياه، في الوقاية من تكاثر البعوض لعدة أسابيع، ولكن يجب تكرار هذه العملية بشكل دوري. وقد تم أيضاً استخدام بعض آكلات البعوض من السمكات الصغيرة ومجدافيات الأرجل (نوع من القشريات) بنجاح نسبي.
ويمكن، خلال الفاشيات، أن تشمل التدابير الطارئة لمكافحة النواقل رشّ مبيدات الحشرات على نطاق واسع باستخدام أجهزة محمولة أو موضوعة على شاحنات أو حتى على طائرات. غير أنّ الآثار مؤقتة ومتباينة الفعالية لأنّ قطيرات الضبائب المُستخدمة قد لا تتمكّن من الدخول إلى المباني وبلوغ الموائل الصغيرة التي تحتجز البعوض البالغ، كما أنّ العملية مكلّفة وصعبة من الناحية العملية. ولاختيار مبيدات الحشرات المناسبة لا بد من العمل، بانتظام، على رصد تأثّر النواقل من المبيدات المُستخدمة على نطاق واسع. كما يجب، إلى جانب جهود المكافحة، رصد أسراب البعوض الطبيعية وترصدها بغرض تحديد فعالية البرامج.