منذ ان تم العثور على اول جهاز حاسوب ميكانيكي في قاع البحر بالقرب من جزيرة 'كريت'، انقضت نحو 100 عام. فلأول مرة يمكن للعلماء ان يقولوا بكل ثقة ان هذا الجهاز هو اقدم واول جهاز يدوي للحساب في العالم، بعد ان اختبروا معداته العاملة.
لقد اصيبوا بدهشة كبيرة وغير متوقعة، ففي مايو من عام 1902 التقط عالم الآثار اليوناني فاليري ستاس هذا الجهاز من بقايا سفينة يونانية قديمة كانت قد غرقت في مياه البحر بالقرب من جزيرة انتيكيثيرا اثناء ايجارها في هذه المنطقة في الازمنة القديمة. وكانت هذه السفينة قد تعرضت الى الغرق في ذلك الموقع قبل اكثر من 2000 عام من الآن.
وحسب المعلومات المتوافرة من العاملين في الجزيرة، فإن هذا الجهاز قد حصل على اسم معين له. ويتألف من ثلاثة اجزاء كبيرة ويبلغ (33 * 17 * 9 سنتيمترات)، اي ما يعادل حجم كتاب من النوع الغليظ.
والجزء الشغال او 'النشيط' مصنوع من البرونز، ويبدو انه كان في الاصل يستقر في اطار من الخشب الذي انتزع بفعل المياه. وفيه يوجد نظام من الدوائر المسننة، وهي تتطابق مع مواصفات علماء تلك المرحلة. وقد بقي نظام الدوائر المسننة معمولا به حتى القرن العاشر من عصرنا الحالي ما بعد الميلاد، اي لفترة تصل الى الف عام تقريبا.
والجهاز حاليا من ملكية المتحف الوطني اليوناني منذ عام ،1951 وكان اول من وضع يده عليه عالم التاريخ البريطاني ديريك جي دي سولار برايس الذي قام بدراسته وتقييمه، وهو اول من استخدم عبارة 'المفاضلة'، وقال ان هذا الجهاز استخدم لحساب مساحات النجوم والكواكب. وفي الحال ارجع تاريخ اكتشاف اول حاسوب يدوي الى الزمن الماضي.
وبعد عشرين عاما، استطاع هذا العالم استخدام الاشعة واجهزة 'الكاما'، للكشف عن البناء الداخلي للجهاز، وبذلك تمكن من توضيح ادائه بصورة جيدة.
وحسب رأيه، فإن الدوائر المسننة الموجودة في داخل الجهاز كانت تدور بصورة دقيقة للغاية اثناء عملية استخدام الجهاز يدويا، وكان هذا الجهاز يعمل بمنزلة الروزنامة الميكانيكية.
وعلى اساس هذا الاختبار او التحليل، فإن خبير تصميمات اجهزة الوقت البريطانية، العالم جون كليف، قام بتصميم جهاز ميكانيك فاعل.
وفي التسعينات من القرن الماضي، اجريت للجهاز صور اشعاعية دقيقة، وقد ظهرت في هذه الصور الملتقطة نشاطات لاجزاء اخرى من الجهاز، لكن سيل الاسئلة لم تنقطع حول هذا الجهاز.
ففي عام 2005، انطلق اول مشروع ضخم لدراسة الجهاز من جديد، وشارك في هذا المشروع عدة جامعات وشركات عالمية، ففي متحف اثينا، تم بناء مختبر جديد بمواصفات خاصة لدراسة وتحليل الجهاز، لكي لا يتأثر او يصاب بالتفتيت، اثناء اجراء عمليات الاختبار او بسبب نقله من مكان الى اخر، وانما الابقاء عليه في المكان الذي هو فيه، اي في احدى قاعات المتحف.
ولغرض دراسته، قامت شركة x-tek بتهيئة جهاز خاص للاشعة، يمكن نقله بواسطة سكة حديدية، انشئت لذلك خصيصا، ويبلغ وزن هذا الجهاز نحو 12 طنا.
واولى النتائج المتخصصة عن الاختبارات التي اجريت على الجهاز قد تم اعلانها من قبل العلماء، وتشير الى تعدد مواهب واسرار ونشاطات الجهاز.
وحسب رأي هؤلاء المختصين، فإن عدد العمليات التي يقوم بأدائها هذا الجهاز تبلغ اكثر من 1000 عملية او اشارة كتابية، وكان العلماء قد تعرفوا على اولى هذه الاشارات قبل اجراء الاختبارات الاخيرة، حيث قرأوها في البداية، اما عدد دوائر المسننات في الجهاز فتبلغ نحو 37 دائرة.
لقد اثبتت الاختبارات ايضا ان الجهاز لم يستخدم كروزنامة فقط، وانما ايضا كجهاز لحساب مسافات القمر والشمس، وكان يعرف كيف يقدم المعلومات والنصائح للتحولات الجوية لمدة عشر سنوات من الزمن القادم، منذ اختراعه عام 46 قبل الميلاد، وقد استخدمه في ذلك الحين يوليوس قيصر.
واحتوى الجهاز ايضا على ما يشبه 'الناقل' الذي يحسب المسافات بين القمر ودخول الارض وكذلك قياس سرعة حركة الاجرام السماوية.
ويعتمد الجهاز بصورته الكلية على حركة ما يشبه بعقرب الساعة، كما يتمتع الجهاز بكفاءة التعريف بفصول السنة والحسابات اليونانية، وايضا بأوزان الاجرام الكونية ومنها القمر.
وما عدا تصوير حركة النجوم والاجرام، فإن الجهاز يستطيع تصوير او قراءة الاجرام الاخرى غير المعروفة بمجرد التعرف عليها، ويقوم العلماء حاليا بتحديد هذه الاجرام.
وفي اثناء الاختبارات التي اجريت على الجهاز، فقد ظهرت على اللوحة المخصصة للقراءة اسم بعض الاجرام مثل 'فينوس وماري وبقية الاجرام الخمسة المعروفة'.
وحسب المعلومات، فإن جهازا مماثلا لهذا الجهاز، قد صنع ابان القرن السابع عشر، وان اول حاسوب، كما يقول العلماء، لم يكن وحيد النوع، فالجهود التي بذلت ومازلت تبذل قد توصلت الى انواع عديدة اكثر تميزا وادق نوعية