عسل النحل
يقول
الله تعالى في سورة النحل وَأَوْحَىَ
رَبّكَ إِلَىَ النّحْلِ أَنِ اتّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشّجَرِ وَمِمّا
يَعْرِشُونَ * ثُمّ كُلِي مِن كُلّ الثّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ
مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ إِنّ فِي ذَلِكَ
لاَيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ [النحل_69]
وفي صحيح
البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ
قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ
عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ . وفي سنن ابن
ماجة عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ الْعَسَلِ
وَالْقُرْآنِ. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ فَقَالَ
إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ اسْقِهِ عَسَلا فَسَقَاهُ ثُمَّ
جَاءَهُ فَقَالَ إِنِّي سَقَيْتُهُ عَسَلا فَلَمْ يَزِدْهُ إِلا اسْتِطْلاقًا فَقَالَ
لَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلا فَقَالَ لَقَدْ
سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلا اسْتِطْلاقًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ
أَخِيكَ فَسَقَاهُ فَبَرَأَ .
للمزيد
حول العسل
[table:ec53 class="MsoNormalTable" style="width: 100%;" align="right" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"] [tr style=""] [td:ec53 style="padding: 0cm; width: 100%;" valign="top" width="100%"]
شاع في أوساط
الناس أن عسل النحل وحده "فيه شفاء للناس" استنادًا إلى الآية الكريمة
الواردة في سورة النحل، ولكن هل الشراب المقصود فيها هو عسل النحل فقط؟!
يقول د. محمد
على البني –أستاذ علم النحل بكلية الزراعة جامعة عين شمس- في كتابه "نحل العسل
في القرآن والطب": إن هذه الآية بترتيب كلماتها التي وردت فيها، وبما توصل إليه
العلم الحديث، لا تدل على أن المقصود منها هو العسل فقط؛ بل إن المقصود هو كل ما
يخرج من جسم النحل من: عسل، وشمع، وسم، وغذاء ملكي، وقد ثبت لكل منها فوائد علاجية
من أمراض مختلفة، ويرجع الفضل في اكتشاف العديد من الحقائق عن النحل إلى القسيس
الأمريكي "لنجستروث" الذي درس حياة النحل وسلوكه من عام (1851م)، ثم
صار العلاج بأشربة النحل Apitherapy أحد العلوم المعتمدَة حديثًا، وفي السطور التالية نتكلم عن الأشربة التي
ينتجها النحل، والخصائص الشفائية لكل منها.
أ - العســل
عسل النحل
النقي عبارة عن رحيق مختوم، أي رحيق جمَعَه النحل من الأزهار، وحوَّل معظم المواد
الكربوهيدراتية الثنائية والعديدة التسكر فيه إلى سكريات أحادية [جلوكوز وفركتوز]،
وقام بتبخير نسبة كبيرة من الماء الموجود فيه؛ حتى ينضج، ويُعتَبَر العسل ناضجًا
إذا لم تزد نسبة الرطوبة فيه عن (18%)، وحينئذٍ يختم عليه النحل بطبقة رقيقة من
الشمع، ويحتوي العسل بجانب الماء والسكريات على كميات بسيطة؛ ولكنها ذات قيمة عالية
من العناصر المعدنية والفيتامينات والإنزيمات، وبعض حبوب اللقاح.
وللعسل ألوان
مختلفة تتوقف حسب مصدره، كما أن له رائحة أيضًا تختلف تبعًا لمصدره النباتي، ويحتوي
العسل على القليل من البروتينات التي يكون مصدرها من الرحيق أو حبوب اللقاح.
العسل والتئام الجروح:
كان قدماء
المصريين ينصحون بتغطية الجروح بقماش قطني مغموس بالعسل لمدة أربعة أيام، وقد جربها
حديثًا الجراح البريطاني د: "ميخائيل بولمان" بمستشفي نورفولك –
نورويتش بإنجلترا؛ حيث أتى العسل بنتائج مذهلة في تضميد جرح ناتج عن استئصال ثدي
بسبب تسرطنه مما أدى إلى تشكل جرح متكهف وعميق ومتقرح؛ فتحسن الجرح بسرعة فائقة
بعد استعمال العسل؛ حيث إن احتواء العسل على عناصر غذائية يلعب دورًا واضحًا في
التشكل السريع للأنسجة النامية، كما إنه يعمل على تهدئة الجروح الملتهبة
والمتقيحة بطيئة الالتئام، كما يستعمل العسل كذلك في حالات الإصابة بالرصاص؛ حيث
إن العسل يزيد كمية إفراز "الجلوتاثيون" في الجرح مما يساعد في عمليات
التأكسد والاختزال وينشط نمو الخلايا وانقسامها؛ فيسرع بالشفاء، ويسرع العسل من
التئام الجروح خاصة إذا أُخِذَ عن طريق الفم. كما يستعمل العسل كمهدئ للأعصاب
وضد السعال والأرق والتهاب الشعب الهوائية والمغص وتقلص العضلات.
العسل والأطفال:
ينصح كثير
من الأطباء الطفل الذي لا يستطيع التحكم في عضلات المثانة البولية بعد سن 3 سنوات
بتناول ملعقة عسل قبل النوم حيث يجذب العسل سوائل الجسم؛ فيريح الكلى في أثناء
الليل؛ حتى يتعود الطفل على عدم التبول ليلاً، بل إن كبار السن ينصحون بتناول العسل
قبل النوم لوقايتهم من النهوض في الساعات المبكرة للتبول.
وفي إحدى مستشفيات
أسبانيا أُجريت تجربة على (30) طفلاً لمدة (6) شهور وقُورِنوا بعدد مماثل من
الأطفال يأخذون الغذاء العادي؛ فظهرت زيادة في الوزن، وزيادة في عدد الكرات الدموية
الحمراء، وزيادة في الهيموجلوبين، وزيادة في الكائنات النافعة بالأمعاء، علاوة
على قدرة تحمل غير عادية بالنسبة للأطفال الذي يأخذون العسل، وينصح الأطفال في
حالة إصابتهم بالأنيميا بإضافة ملعقة عسل صغيرة أو اثنتين إلى وجبة الطفل، كما وُجِدَ
أن العسل يساعد على تحسن نمو العظام والأسنان.
وعند إصابة
الجهاز الهضمي بالقرحة ينصح بتناول العسل مذابًا في الماء الدافئ وقد نشر د.
"سالم نجم" في مؤتمر الطب الإسلامي عام (1982) أن العسل أفاد في علاج
الإسهال المزمن غير المعروف السبب.
كما نصح "داود الإنطاكي"
في القرن السادس عشر باستعمال عسل النحل لعلاج مرضى الصفراء وتسمم الكبد، وثبت
في مستشفى جامعة بولونيا بإيطاليا أن للعسل تأثيرًا مقويًّا لمرضى الكبد، كما أن
خليط العسل والليمون وزيت الزيتون يفيد في حالات أمراض الكبد والحوصلة المرارية.
العسل ومرض السكر:
في عام
(1939) أعلن دكتور "فاتيف" من كلية طب صوفيا أنه تمكن من علاج (36 )
طفلا مصابا بالسكر من خلال إعطائهم ملعقة عسل صغيرة مع كل وجبة طعام مع الأدوية
المعروفة، كما لوحظ أن تناول كمية صغيرة مع الإفطار يفيد مرضى البول السكري وخاصة
عند ظهور أعراض المرض متأخرًا عند سن الأربعين، وفي هذه الحالة يكون العسل هو
أنسب المواد لتنبيه غدة البنكرياس لإفراز الأنسولين، ويكون استعماله بحذر حيث إن
الإفراط قد يؤدي إلى إفراز كمية وافرة من الأنسولين؛ فيسبب استهلاك السكريات
المعطاة ويتبعه استهلاك سكر الدم الأصلي.
العسل والحساسية والجهاز التنفسي والروماتيزم:
أعلن دكتور
"وليام بيترسون" إخصائي أمراض الحساسية بجامعة "أيوا
الأمريكية" أنه قام بمعالجة (22) ألفَ مريضٍ بالحساسية بمقدار ملعقة
يوميًّا من عسل النحل الخام، وأكد العسل فاعليته في (90%) من الحالات وفي حالات
الشعور بثقل الصدر والسعال وخشونة الصوت يفيد منقوع البصل مع العسل في جلي
الصدر، وكذلك في علاج السعال الديكي.
وكما أثبتت
التجارب الطبية أن مزج العسل بالمواد الغذائية الخالية من فيتامين ك يظهر فعالية
مؤكدة ضد النزيف.
كما أثبت العسل
فاعلية في حالة التهاب الأعصاب والروماتيزم، والتهاب المفاصل، وفي حالة التهاب
الشعب الهوائية، وفي حالة شلل الأطفال تؤخذ ملعقتان من العسل مع كل وجبة حيث يرفع
نسبة الكالسيوم في الدم.
العسل وتسمم الحمل:
تظهر على كثير
من السيدات الحوامل في الثلث الأخير من الحمل الأول بعض الأعراض المرضية مثل: انتفاخ
الجسم، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الزلال في البول وازدياد نسبة اليوريا في الدم،
وترجع هذه الأعراض إلى نقص مادة "بروستاجلاندين" في الدم، ومع تناول
السيدة الحامل للعسل صباحًا ومساءً يؤدي إلى تأثيره المهدئ وإدراره للبول
بالإضافة إلى احتوائه على الدهنيات الفوسفورية الأساسية لمادة
"البروستاجلاندين".
العسل والجلد:
وفي بعض الدول
الأوروبية يقوم الريفيون بربط أماكن الحروق والجروح والتسلخات بأشرطة من القماش
المدهون بالعسل.
وأثبتت حادثة
واقعية لطفل انسكب عليه كوب من الشاي المغلي أدى إلى التهاب جلد الصدر والبطن،
ومع دهانه سريعًا بالعسل المتجمِّد؛ في الصباح بعد الكشف عن أماكن الحرق تبين أن
السطح البطني للجسم أبيض عاديّ، كأن لم يصبه شيء مع ظهور فقاعة بحجم حبة العنب
في أعلى الصدر ممتلئة سائلاً يبدو أنها كانت قليلة الالتهاب؛ فلم تُرَ، ولم تُدهَن
بالعسل، ومع المقارنة بين السطحين تبين المفعول الأكيد للعسل.
وفي الطب الروسي
الشعبي كانت تُستعمَل لبخة العسل المخلوط بالدقيق لعلاج الخراريج السميكة التي
تصيب الأكف والأقدام وكذلك سل الجلد.
والعسل يُعتبَر
من مصادر الجمال؛ فكان يُستخدَم كمحلول للوجه مع اللبن؛ حيث يغذي العسل الجلد
ويزيده بياضًا ونعومةً، ويقيه من الميكروبات، كما يعمل العسل على شدِّ الجلد المرتخي
والمتشقق، والشفتين فينصح بخلط (30) جرامًا من العسل + (30) جرامًا من عصير الليمون
+ (15) جرامًا من ماء الكولونيا. ويعتبر العسل وعصير الليمون أحسن المواد لعلاج
ضربة الشمس وتهيج وتبقع الجلد.
ا[/td][/tr][/table]